القات ..

السلام عليكم ..

كنت قد وعدت بعضكم الحديث عن القات عندما اجمع المادة التي تعطي معلومات جيدة عن القات , وها انا افعل ..

القات ارتبط في مفهوم بعض الناس خارج نطاق زراعته واستهلاكه بالمخدرات والحشيش وما شابه , ولكن هذا غير صحيح , فهذا كان عبارة عن تعاطيا مع قوانين بعض البلدان التي تعتبره نوع من المخدرات وتجرم زراعته وبيعه واستخدامه ..!

تابعونا هنا لنعرف شيئا عن هذه النبتة تاريخيا وزراعيا واستهلاكا .. الخ

القات , شجرة مجهولة الميلاد ، وهي من النباتات التي يرجع الاهتمام بزراعتها إلى عهود قديمة ربما قبل الميلاد , فلا يُعرف بالضبط متى بدأ تعاطي القات ، وإن كانت هناك أسطورة تحكي أن بدء تناوله كان في زمن الإسكندر ذو القرنين ..

تاريخيا اقتصر تناول القات على صفوة المجتمع ، ولاسيما رجال الدين المسلمين الذين كانوا يعتقدون أن تناوله يجعلهم أكثر معرفةً بالكون وتقرباً من خالقه , ثم تبعهم الميسورون والتجار إلى أن أصبحت عادة منتشرة بين جميع طبقات المجتمع ..

وينتشر تعاطي القات على نطاق واسع في اليمن والصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا وكينيا وتنزانيا وأوغندا وجنوب إفريقيا، ويوجد حتى في بلادنا في المناطق الحدودية مع اليمن الشقيق , رغم ان النظام هنا يعتبره نوع من المخدرات ولا يجيز زراعته وبيعه واستخدامه , وتزرع شجرة القات على المرتفعات الجبلية والهضاب البالغ ارتفاعها حوالي 800 م من سطح البحر، ويصل طول الشجرة أحياناً إلى ستة أقدام ، وتعتبر من النباتات المعمرة دائمة الخضرة ، وذات قدرة كبيرة على تحمل تقلبات الطقس ..

يدور جدل كبير في المجامع الفقهية والقانونية حول القات لتحديد الحكم الفقهي والقانوني فيه ، وبالرغم من إدراج منظمة الصحة العالمية له ضمن قائمة المواد المخدرة منذ حوالي عشرين عاماً , فإن فقهاء الدين الإسلامي في اليمن وهم الأعلم به من غيرهم ، يلاحظ انقسامهم في الرأي حول هذا النبات ، فالبعض يرى جوازه لعدم ثبوت آثاره التخديرية لهم ، وبالتالي لا يستطيعون قياسه على المسكرات التي تغيب العقل ، في حين يرى البعض الآخر تحريمه على اعتبار أنه يؤدي إلى مضيعة الوقت والمال وما يؤكد الأطباء من أنه سبب للعديد من الأمراض ..

يضع المستخدم أوراق القات في فمه ثم يقوم بمضغها وتخزنيها ببطء عن طريق الشعيرات الدموية في الفم، أو يبتلع المتعاطي عصيرها مع قليل من الماء او الشاي او القهوة , وتستمر هذه العملية لساعات طويلة، حيث يبدأ المضغ (التخزين) بعد تناول الغداء الذي يكون غالباً بين الواحدة والثانية ظهراً إلى قبيل غروب الشمس ، ثم يعاود بعضهم التعاطي مرة أخرى حتى ساعة متأخرة من الليل , ويصاحب تخزين القات عادة تدخين الشيشة بصورة جماعية في غرف يطلق عليها في اليمن "دواوين" وتكون نوافذها مغلقة حيث يتكاثر في أجوائها سحب الدخان الكثيفة , وهذا غريب جدا , لماذا مغلقة , انا لا اعلم ..!

يقول الباحثون في هذا الشأن انه في الساعات الأولى لتعاطي القات يبدأ المخزنون في الحديث بنشاط وبحيوية في قضايا كثيرة ومتشعبة ليس بينها رابط، حيث تتقافز إلى أذهانهم الأفكار بسرعة كبيرة، وفي الساعتين التاليتين تسود حالة من الصمت والهدوء ، بعد ذلك يشعر المخزنون بالخمول والكسل وعدم الرغبة في القيام بأي مجهود عضلي أو ذهني وتسيطر عليهم حالة من الشعور بالخمول , بينما يرى اخرون أنه يمدهم بنشاط ذهني وعضلي ، ويوثق علاقاتهم الاجتماعية ، ويعتبرونه وسيلة للتسلية، وقضاء أوقات الفراغ ، ويرتبط أيضاً بالمناسبات الاجتماعية خاصة في الأفراح والمآتم وجلسات الصلح بين القبائل , في حين يرى آخرون معارضون لهذه العادة بأن القات سببا من أسباب التفكك الأسري، حيث يقضي المتعاطي ساعات طويلة في جلسة التعاطي بعيدا عن بيته وأولاده ، وكذلك الحال إذا كانت الزوجة تتعاطي القات حيث تجلس هي الآخرى مع صاحباتها لساعات طويلة بعيدا عن الزوج والأولاد مما يضعف من الروابط الأسرية ..

ولتعاطي القات بعدا اجتماعياً سلبيا آخر يتمثل في ذهاب جزء كبير من دخل الأسرة في شرائه مما يؤثر على تلبية الاحتياجات المعيشية لبقية أفراد الأسرة وبخاصة في الجوانب المتعلقة بالغذاء والتعليم مما ينعكس في النهاية على الوضع العام للأسرة ..

يرى الأطباء أن القات ليست له أية فوائد صحية كما يتوهم بعض المتعاطين، ويعددون الكثير من الأمراض التي تسبب فيها القات , بينما يرى اخرون ان له بعض الفوائد الصحية اذا استخدم على فترات متباعدة ..

وتشير إحصائيات الجهاز المركزي اليمني إلى أن مليون أسرة يعتمد دخلها الأساسي على زراعة وتجارة القات ، أي أن هؤلاء كلهم قد ارتبطت حياتهم بزراعة وتجارة القات ، الأمر الذي يجعل من مقاومة القات أمراً صعبا ..

على العموم وحتى اعطي الموضوع حقه , فقد تواصلت مع عدد من الأطباء اليمنيين , واليمنيين عن قصد فهم الأدرى بمدى صلاحيته للناس عن غيرهم , كما تواصلت مع عدد من مشايخ الصوفية المتهمين بإجازة استخدامه , فأجمعوا طبا وفقها انه ليس جيدا وضرره اكبر من نفعه ولو على المدى الطويل ..